الاداره المؤسس
تاريخ التسجيل : 15/03/2010
| موضوع: أرض من ملح وصبر الخميس أبريل 15, 2010 6:48 am | |
| قصه قصيره أرض من ملح وصبر عربى أفريقى عفواً! هل رأيت أسمي ربما سقطت سهواً كغيره من الأسماء المغضوب عليها، لأبأس ربما أجده في البورت الخلفي آه نعم ، ها هو كعهدي به متأخراً ، حرف الياء يضيعني، أسمي عربي حتى النخاع ومع ذلك يلعبون به ، يا للفضيحة. كشجرة سيسبان رأيته قادماً نحو البورت الخلفي (أستاذ خالد) وجهه والنظارة الطبية توأمان صاح بي .. أستاذ يسن ! ألم يشرب القحط من عينيك بعد ؟ هل أنت على لائحة الفئة الضالة وضيعة النسب معدومة الواسطة؟ حييته بحرارة وتمنيت أن لا ننقل سوياً لمكان واحد. - يا ذا لعيون الأربع أبي من اكتشف بلاد الواق ألواق. - أين قذفوا بك هذه المرة أيها الأمدرماني المهمل كالطابية في البدء كنت أظنها مزحة ، ثم حارت عيناي وسط الخريطة حتى أنني انتهرت أخت الصغري عندما ضحكت من أسمها ، ولكنها على البورت الخلفي تلتصق بأسمي كالظل. مدرسة أم فرنيب الوسطى ، كغيرها من المدارس النائية التي لا يعرفها الأطلس ولم يسمع بها أهل الخرطوم ولم يرد ذكرها حتى في نشرة الموتى! وحده الذي يعرفها هو الداؤودي . هكذا يسمونه ، أخبرنى الأستاذ خالد أنه كان يعمل بالحطب ثم الفحم الحجري ثم ماكينة ديزل يقولون أن الشركة المصنعة أرسلت للأسطى حسنين الذي ورث الداؤودي كابر عن كابر تعرض عليه مبلغاً محترماً فيصرخ الأسطي حسنين بغرور الداؤودي شرفي ولن أبيع عرضي. يا تلك المدينة التي أشتمها بدمي لها عبق البهار وطعم الخبز .أمدرمان تلفظ الداؤودي كالنواة فيوليها غباره غاضباً ، إطاراته لم تعتاد الأسفلت القاسي ومصابيحه تخاف ذوي الياقات البيض الذين يملأون جيوبهم قبل الحكومة.. أنه يعشق التراب ووحشة الصحراء. سائق الداؤودي لا ينسي أبداً أن يغازل أزقة أم فرنيب بصوت بوريه المعروف ، جاري بالمقعد أرخي طاقيته إلى الأمام وهو يخبرني بأن الأسطى حسنين يرسل شفرة بالبوري إلى (حسينه) فتستوي كقطعة خبز طازجة على فرن من الطلح أو الشاف.. جاري بالمقعد كان ينطق السين ثاءاً أدركت بأن به حولاً في اللسان. بيد أن (بوري) الداؤودي لم يكن رسالة غرام لـ (حسينه) وحدها. فهو يعني للصبيه الذين تجمهروا أمام البص القديم قطعاً من الحلوى وبعض أصابع الموز والذي غالباً ما يكون سبباً لعراك يدوم لثوانِ ويصبح الموز وقشره ضحية لبطون نهمة لا تعرف طعماً لفاكهة غيره. لم يخبرني جاري بالمقعد بأن الاسطي حسنين لم ينجب رغم أنه تزوج بأربعة غير (حسينه). أخبرني بذلك مدير المدرسة لاحقاً بعد أن أضاف بحزن مصطنع - الأسطى حسنين في شبابه عمل حادث بالداؤودي.. قالوا قطع ليهو وريد في الـ...... كان ذلك قبل مجيء المطر والأرض البكر تضم فخذيها بعد طول انتظار لفرح غاب هذا العام أيضاً وتحيض بعد ما تبقي من (مطامير) على جدار رحمها المتعب ، الأرض البكر لم تعد كذلك كالأنثى دائماً ما يكون العيب فيها ، مثل ما يتمني الأسطى حسنين الخامسة لو يستطيع! فماء الحياة عنده لا يفسد. الكل تدافع صوب الخروج وأنا على مقعدي تنتابني حالة الإنطباع الأولى فأفر منها ببصري عبر النافذة. يلاحقني كالمجنون، هناك رأيتها حلوة صغيرة، أحالت الشمس لونها القمحي فصار أشبه بلون العسل ينحسر فستانها رخيص الثمن عن ساقيها حتى يكشف ملابسها الداخلية، صغيرة هي لا تهتم أسفل صدرها لم تطاله الشمس فكشفت عن سر لونها القمحي المخبأ داخلها غجرية الشعر متسخة القدمين جلست تمد ساقاها أمامها و تتكئ بظهرها على حائطٍ لم يتبقي من ظله إلا بمقدار ما يحجب الشمس عن وجهها وقد حفرت حفرت أمامها ملأتها بحصى معدود وهي تقذف بحصاة إلى أعلى وحتى ترتد إلى أصابعها مرة أخرى تكون قد أخرجت ما في الحفرة أمامها ومرة تلو الأخرى تدخله بعدد معلو وربما سقطت الحصاة مرة فتلتقطها ساخطة مغتاظة . شدها (بوري) الداؤودي فتوقفت ترسل ضحكة فرح باهت وعلى شفتاها بعض الزيت ووجهها المترب ينداح عن فمها المدهن بباقي طعام لعل أمها غسلته قبل أن تخرج لتلعب. أن تجتاز من وسط الداؤودي حتى الباب للنزول فهذا يعني المرور فوق بعض الأرجل الممدودة وجوالات من الذرة والعدس وسلال من سعف وشجيرات نخيل وربما احتجت على قساوتك دجاجة أو صرخت بوجهك معزة ولو أن سطح الداؤودي يحتمل لرأيت عليه بعيراً أو هكذا أظن. لم يكن الوصول إلى مبني المدرسة أمراً عسيراً فهي والوحدة الصحية كل ما يعرفه مثقفو القرية عن عهد عبود منذ وقت بعيد وأبي يلح على رأسي قناعاتي بأن مهنة التدريس محض هراء تهشمت أمام إصرار أبي على أن المعلمين وحدهم من يرثون الأنبياء أبي معلم جغرافيا حاذق ولكنه لا يعرف أين هي أم فرنيب. واقفاً يمد بطنه المثقلة ويجاهد قميصه أن يستر أسفلها دون طائل مدير المدرسة يدعي بأن (الكرش) دليل صحة! خشيت أن تفقأ إحدى أزراره عيني و (كرش) مدير المدرسة تعابيرها أصدق من وجهه فهي ترقص عندما يتحدث وتهرول أمامه عندما يمشي وتقرقع عندما يجوع (مستورة) فراشة المدرسة لا تقل أهمية عن مديرها بل تتعداه في بسط سطوتها علي البنات وتتحدث معنا في كل الأمور بجهل تام ولا تغلبنا إلا عند سيرة (الحيران) وأولياء الله الصالحين . كل الفصول تسافر لتعود وأم فرنيب تمارس الثبات عنوة ، أرض من ملح وصبر جاءها أغسطس متعب القدمين ، خائر القوى ، ومضى حزيناً. فخرجت تتنفس هواءً نقياً وحده الذي يبقي نقياً هوأها .. وقلب أهلها.. طيبون طيبون. عند المقيل .. حاج (الصلحي) يفرغ زجاجة الكلونيا على جلابابه الأبيض فتسير خطوط الزهر الأزرق تدنس بياضها . ليس ككل الأيام يوم الجمعة يخرج أنيقاً كعريس يزف إلى صبية يحلق ذقنه ، يزيل نجاسته ، ويتعطر بماء الكلونيا ، ويسابق الإمام إلى الجامع لم يفوت صلاة الجمعة في حياته يفعل كما كان أباه وكل شيوخ القرية كسب اللقب بحكم سنواته الستون فهو لم يرى الكعبة في حياته ولكنه يعرفها كباطن كفه يراها داخل الداؤودي وعلى مرايا دكان (عيسي) الحلاق وينوي زيارتها عقب كل (درت) ولكنه أغسطس يأتي هذا العام متعب القدمين منهوك القوى لتضم الأرض فخذيها من جديد بانتظار أغسطس أكثر فحولة يُخَرِجْ (الدرت) من بين صلبه وترائبه كأعوام خلت. حاج (الصلحي) يوافق الإمام في كل ما يقول ويطرب لأولاد حاج الماحي وود السافل ويُحرَّم ويُطلَّق في اليوم مأئة مرة. وحاج (الصلحي) يختن بنتاه يرسل لنا طعاماً بالمدرسة فتقرقع (كرش) مدير المدرسة. أعلى صوتاً هذه المرة. تعاف الأستاذة (مريم) لحم (العِتّان) وتغطي فمها بطرف ثوبها .. وتكتفي بكوب شاي منعنع. وأنا أستعرض معلوماتي عن مضار ختان البنات .. وتستنكر حديثي (مستورة) وتلم ما تبقي من لحم (العتود) وهي تتهكم - (سجمي يقعدن ساااااااى يعني؟) وقبل أن يغادر اللحم أجسادنا حاج (الصلحي) يستنجد بمستشفي المركز وسائل الحياة الأحمر يتسرب عبر فتحات (البرش) المضفور يسحب معه لون الحناء وتسع سنين. عشق هذا الذي بين يديك الراعشة وخصرها، والذي بين عينيك وصدرها المذعور، وبينك وبين أرنبه أنفها ، لهذا أنت هكذا شاحب كـ (البشاورة ) التي أمامك أنت ممكون بوزر العشق إذن ! هل تعشق تلميذتك أيها الأستاذ لا بأس يأتي هكذا دونما استئذان تسألني! هل صحيح أن بنات الريف لم يطمسهن تلوث المدينة؟ لست أفتي.سؤالك يعني أنك غريق على العموم (بنشات) الجامعة أخطر من الأفلام الإباحية.. بل لهذه الدرجة. (زبيدة) تلك الندية كعنقود العنب كنت أحس بأنها تغادر هذا العام كثمرة خوخ حان قطافها تعشقها يا أستاذ (خالد)؟ معك حق المهرة لا تبقي طويلاً على سور المدرسة ستهرب يوماً إلى سجن أكبر أو أصغر.. سمعت أن أبوها زوجها (بقيم كوشتينه) كيف ذلك؟ (قعدة) الورق تنسي الدنيا، أسألني عنها (وزبيدة) رهان تحدي ممتاز كسبه شيخ ماهر بعد أن صاح (خمسييييييين) أقل كثيراً من سنوات عمره و شاء أبوها أن يتخلص من صدرها المتمرد وجسدها الشهي أبوها يخاف منها لا عليها وشاء أن يخسر عموماً هُنّ راحلات راحلات هي أربعة عشر عاماً أخرى تسافر وأنت تزداد شحوباً أكثر من البشاورة التي أمامك.
| |
|